هل يمكن للكاظمي تحويل مأساة قتل الهاشمي لفرصة سانحة لحكومته؟

1٬064

يعد مقتل الباحث العراقي المتخصص في شؤون الجماعات الإسلامية هشام الهاشمي مأساة بالنسبة للعراق، ولكنه في الوقت نفسه يمثل اختبارا للقيادة، وربما يكون فرصة سياسية لرئيس وزراء العراق مصطفى الكاظمي للحد من نفوذ الجماعات المسلحة، حسب المحلل السياسي والكاتب الصحفي الأميركي من أصل هندي بوبي جوش.

وكان مسلحون أطلقوا النار على الهاشمي الاثنين الماضي فأردوه قتيلا. وعمل الهاشمي مستشارا للحكومة العراقية في شؤون الإرهاب والجماعات المتطرفة، وخلال العام الماضي بدأ يركز على المليشيات الشيعية المسلحة، المدعوم أغلبها من إيران والمتغلغلة في النظامين الأمني والسياسي للعراق، وأثارت انتقاداته المتكررة لهذه المليشيات غضبها وكراهيتها له.

يقول أصدقاء الهاشمي إنه تلقى تهديدات بالقتل من هذه الجماعات، رغم أنه لم يعلن أحد مسؤوليته عن الحادث، وقد تعهد الكاظمي بتقديم قتلة الهاشمي للعدالة.

وحسب الكاتب، فإن المليشيات تعد أكبر تهديد للنظام الاجتماعي والسياسي في العراق، وحاول رؤساء الوزراء السابقون بدرجات متفاوتة من الحماس التصدي لنفوذ هذه المليشيات، ولم يحقق أحد منهم تقدما يذكر في هذا الاتجاه. ولكن يمكن للكاظمي النجاح في ما فشل فيه من سبقه، إذا استطاع الاستفادة من مجموعة من الظروف المواتية، بالإضافة إلى جريمة قتل الهاشمي.

ويقول بوبي جوش في التحليل الذي نشرته وكالة بلومبيرغ الأميركية إن خلفية مصطفى الكاظمي تجعله مؤهلا بشكل فريد للقيام بهذه المهمة؛ فهو كرئيس سابق للمخابرات العراقية يعرف عن هذه المليشيات أكثر مما يعرفه أي سياسي عادي، كما أن وظيفته السابقة جعلته يطور علاقات قوية مع واشنطن، أو بشكل أكثر دقة مع وكالة المخابرات المركزية الأميركية، وكذلك مع طهران.

وهناك عنصر آخر حاسم وهو اختيار الكاظمي من يقود عمليات مكافحة الإرهاب في البلاد، حيث أعاد تعيين الفريق عبد الوهاب الساعدي، الذي أبعده رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي العام الماضي؛ مما أثار غضب المحتجين في العراق.

إيران

ويرى جوش أنه يمكن للكاظمي الاستفادة من المشكلات التي تواجهها طهران؛ فما بين العقوبات الأميركية وجائحة كورونا، تجد إيران نفسها غير قادرة على مواصلة دعم الفصائل الموالية لها في العراق، وبالفعل خفضت مدفوعاتها الشهرية للفصائل العراقية.

ولم تتمكن إيران من تعويض خسارة قائدها العسكري قاسم سليماني، الذي كان يدير التنظيمات الخارجية الموالية لطهران، إلى جانب رجله القوي في العراق أبو المهدي المهندس، وقُتل الاثنان في غارة أميركية بالقرب من مطار بغداد بداية العام الحالي.

ويكافح إسماعيل غاني، خليفة سليماني، في قيادة فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني للسيطرة على المليشيات العراقية، ولكنه لم يتمكن من تجميعها حول زعيم محلي جديد مثل المهندس.

تفكيك الفصائل

ومنذ توليه رئاسة الحكومة في مايو/أيار الماضي، يحاول الكاظمي بقوة تفكيك بعض الفصائل المسلحة، وأمر بشن هجمات ضد جماعات بارزة، مثل كتائب حزب الله، ولكنه سرعان ما أطلق سراح عناصر هذه الكتائب، الذين تم القبض عليهم، كما حذر هذه الجماعات من استمرار هجماتها الصاروخية على الأهداف الأميركية، لكنها استمرت.

ولكن ما يفتقده الكاظمي هو الدعم البرلماني الكامل، فرغم أنه تعهد بالاستجابة لمطالب المحتجين من الشباب العراقيين الذين أطاحوا بسلفه في ما يعرف “بثورة أكتوبر”، فإن الشباب العراقي يشككون فيه باعتباره صنيعة للمؤسسة السياسية “المشوهة”.

وحتى يتمكن رئيس الوزراء من مواجهة المليشيات، فإنه يحتاج إلى المزيد من دعم العراقيين من مختلف الطوائف ومن المجتمع الدولي.

والحقيقة أن مقتل الهاشمي يمكن أن يخدم موقف أي سياسي بارع؛ فقد كان الباحث العراقي يحظى بشعبية واسعة بين المتظاهرين، الذين واجهوا رصاص وهراوات الجماعات المسلحة التي كانت تحاول فض مظاهراتهم.

ورغم تراجع زخم ثورة أكتوبر منذ أوائل الربيع الماضي نتيجة جائحة كورونا، وانسحاب دعم القيادات السياسية والدينية، يمكن لمقتل الهاشمي إشعال جذوة الاحتجاجات مرة أخرى.

وأدانت الأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبريطانيا وغيرها من الدول والمؤسسات الدولية مقتل الهاشمي، بل حتى إيران أعربت عن أسفها لمقتله، ويمكن للكاظمي دعوة هذه الدول والأطراف الدولية لتحويل أقوالها إلى أفعال، وزيادة الدعم المخابراتي لبلاده، وتشديد الضغوط الدبلوماسية على إيران.

المصدر : الألمانية + بلومبيرغ

لا يوجد تعليقات.